كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويقال: ربثه يربثه ربثا إذا حبسه. وواحد الأزلام: زلم وزلم لغتان وهو القدح.
{ذلِكُمْ فِسْقٌ (3)} أي كفر.
{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا (3)} أي اخترت لكم.
{فِي مَخْمَصَةٍ (3)} أي مجاعة، وقال الأعشى:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم ** وجاراتكم سغب يبتن خمائصا

أي جياعا.
{غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ (3)} أي غير متعوّج مائل إليه، وكل منحرف، وكل أعوج فهو أجنف.
{قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ (4)} أي الحلال.
{وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ (4)} أي الصوائد، ويقال: فلان جارحة أهله أي كاسبهم، وفى آية أخرى: «ومن يجترح» أي يكتسب، ويقال: امرأة أرملة لا جارح لها، أي لا كاسب لها، وفى آية أخرى: {اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ} (45/ 20) كسبوا، {وما جَرَحْتُمْ} (6/ 60) أي ما كسبتم.
{مُكَلِّبِينَ (4)} أصحاب كلاب، وقال طفيل الغنوىّ:
تبارى مراخيها الزّجاج كأنها ** ضراه أحسّت نبأة من مكلّب

{وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ (5)} أي ذوات الأزواج، وقد فرغنا قبل هذا منه.
{مُسافِحِينَ (5)} أي زانين، والسّفاح: الزّناء.
{أُجُورَهُنَّ (5)}: مهورهن.
{حَبِطَ عَمَلُهُ (6)} أي ذهب.
{وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ (6)} مجرور بالمجرورة التي قبلها، وهى مشتركة بالكلام الأول من المغسول، والعرب قد تفعل هذا بالجوار، والمعنى على الأول، فكأن موضعه «واغسلوا أرجلكم»، فعلى هذا نصبها من نصب الجرّ، لأن غسل الرجلين جاءت به السّنة، وفى القرآن: {يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذابًا أَلِيمًا} (74/ 31) فنصبوا الظالمين على موضع المنصوب الذي قبله، والظالمين: لا يدخلهم في رحمته والدليل على الغسل أنه قال: «إلى الكعبين»، ولو كان مسحا مسحتا إلى الكعبين، لأن المسح على ظهر القدم «و الكعبان» هاهنا: الظاهران لأن الغسل لا يدخل إلى الداخلين.
{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا (7)} والواحد والإثنين والجميع في الذكر والأنثى لفظه واحد: هو جنب، وهى جنب، وهما جنب، وهم جنب، وهنّ جنب.
{أَوْ عَلى سَفَرٍ (6)} أو في سفر.
{أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ (6)} كناية عن إظهار لفظ قضاء الحاجة في البطن، وكذلك قوله تبارك وتعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ} كناية عن الغشيان {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا (6)} أي تعمدوا صعيدا، أي وجه الأرض، طيبا أي طاهرا.
{مِنْ حَرَجٍ (6)} أي ضيق.
{بِذاتِ الصُّدُورِ} (7) مجازها: بحاجة الصدور لأنها مؤنثة.
{قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ} (9) أي قائمين بالعدل، يقومون به، ويدومون عليه.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} (9) أي خيرا أي فاضلة بهذه، ثم قال، مستأنفا: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (9) فارتفعتا على القطع من أول الآية والفعل الذي في أولهما، وعملت فيهما {لهم}.
{وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} (12) أي ضامنا ينقب عليهم وهو الأمين والكفيل على القوم.
{وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} (12): نصرتموهم وأعنتموهم ووقّرتموهم وأيّدتموهم، كقوله:
وكم من ماجد لهم كريم ** ومن ليث يعزّر في النّدى

وقال يونس: أثنيتم عليهم. قال الأثرم: والتعزير في موضع آخر: أن يضرب الرجل دون الحدّ.
{سَواءَ السَّبِيلِ} (12): أي وسط الطريق وقال حسان:
يا ويح أنصار النبي ونسله ** بعد المغيّب في سواء الملحد

{فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ} (13): فبنقضهم، والعرب تستعمل «ما» في كلامها توكيدا وإن كان الذي قبلها بجرّ جررت الاسم الذي بعدها، وإن كان مرفوعا رفعت الاسم، وإن كان منصوبا نصبت الاسم كقولهم: ليت من ال.
{قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً} (13) أي يابسة صلبة من الخير وقال:
وقد قسوت وقسا لدّتى

ولدّتى ولداتى واحد، وكذلك عسا وعتا سواء.
{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} (13) يزيلون.
{وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (13) أي نصيبهم من الدين.
{عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ} (13) أي على خائن منهم، والعرب تزيد الهاء في المذكّر كقولهم: هو راوية للشعر، ورجل علّامة، وقال الكلابىّ:
حدّثت نفسك بالوفاء ولم تكن ** للغدر خائنة مغلّ الإصبع

وقد قال قوم بل {خائنة منهم} هاهنا الخيانة، والعرب قد تضع لفظ فاعلة في موضع المصدر كقولهم للخوان مائدة، وإنما المائدة التي تميدهم على الخوان يميده ويميحه واحد، وقال:
إلى أمير المؤمنين الممتاد

أي الممتاح.
{فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ} (14): والإغراء: التهييج والإفساد.
{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما} (17) والسموات جماع والأرض واحد فقال: {ما بينهما}. فذهب إلى لفظ الإثنين، والعرب إذا وحّدوا جماعة في كلمة، ثم أشركوا بينهما وبين واحد جعلوا لفظ الكلمة التي وقع معناها على الجميع كالكلمة الواحدة، كما قال الراعي:
طرقا فتلك هما همى أقريهما ** قلصا لواقح كالقسىّ وحولا

وقد فرغنا منه في موضع قبل هذا.
{الْمُقَدَّسَةَ} (22) المطهّرة، يقال: لاقدّسه اللّه.
{الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (22) أي جعل اللّه لكم وقضاها.
{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا} (26) مجازها: اذهب أنت وربك فقاتل، وليقاتل ربك أي ليعنك ولا يذهب اللّه.
{فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ} (25) أي باعد وافصل وميّز، وأصله: فعلت خفيفة من فعّلت ثقيلة، كقوله:
يا ربّ فافرق بينه وبينى ** أشدّ ما فرّقت بين اثنين

الفاسقين هاهنا: الكافرين.
{يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} (26) أي يحورن ويحارون ويضلون.
{فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ} (26) لا تحزن، يقال: أسيت عليه، قال العجّاج:
وانحلبت عيناه من فرط الأسى

{بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ} (28) أي مددت.
{أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أي أن تحتمل إثمى وتفوز به، وله موضع آخر: أن تقرّ به تقول: بؤت بذنبي، ويقال: قد أبأت الرجل بالرجل أي قتلته، وقد أبأ فلان بفلان، إذا قتله بقتيل. قال عمرو ابن حنىّ التغلبىّ:
ألا تستحى منا ملوك وتتّقى ** محارمنا لا يبأء الدّم بالدّم

ولا يباء الدّم بالدّم سواء في معناها، ويقال: أبأت بهذا المنزل، أي نزلت.
{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ} (30) أي شجّعته وآتته على قتله، وطاعت له، أي أطاعته.
{سَوْأَةَ أَخِيهِ} (31) أي فرج أخيه.
{مِنْ أَجْلِ ذلِكَ} (32) أي: من جناية ذلك وجرّ ذلك، وهى مصدر أجلت ذلك عليه.
قال الخنّوت، وهو توبة بن مضرّس، أحد بنى مالك بن سعد بن زيد مناة ابن تميم وإنما سمّاه الخنّوت الأحنف بن قيس، لأن الأحنف كلّمه فلم يكلمه احتقارا له، فقال إن صاحبكم هذا الخنّوت والخنّوت المتجبّر الذاهب بنفسه، المستصغر للناس فيما أخبرنى أبو عبيدة محمد بن حفص بن محبور الأسيدىّ:
وأهل خباء صالح ذات بينهم ** قد احتربوا في عاجل أنا آجله

فأقبلت في الساعين أسأل عنهم ** سؤالك بالشيء الذي أنت جاهله

أي جانيه وجارّ ذلك عليهم، ويقال: أجلت لى كذا وكذا، أي جررت إلىّ وكسبته لى.
{مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ} (32) مجازه: أو بغير فساد في الأرض.
{لَمُسْرِفُونَ} (32) أي: لمفسدون معتدون.
{يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (33) والمحاربة هاهنا: الكفر.
{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} (33) يده اليمنى ورجله اليسرى، يخالف بين قطعهما.
{وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (35)، أي القربة، أي اطلبوا، واتخذوا ذلك بطاعته، ويقال: توسلت إليه تقرّبت، وقال:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا ** وعاد التصافي بيننا والوسائل

الحوائج، وقال عنترة:
إنّ الرّجال لهم إليك وسيلة ** أن يأخذوك تكحّلى وتخضّبى

الحاجة، قال رؤبة:
النّاس إن فصّلتهم فصائلا ** كلّ إلينا يبتغى الوسائلا

{عَذابٌ مُقِيمٌ} (37) أي دائم، قال:
فإنّ لكم بيوم الشّعب منّى ** عذابا دائما لكم مقيما

{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} (38) هما مرفوعان كأنهما خرجا مخرج قولك: وفى القرآن السّارق والسارقة، وفى الفريضة: السارق والسارقة جزاؤهما أن تقطع أيديهما فاقطعوا أيديهما فعلى هذا رفعا أو نحو هذا، ولم يجعلوهما في موضع الإغراء فينصبوهما، والعرب تقول: الصّيد عندك، رفع وهو في موضع إغراء، فكأنه قال: أمكنك الصيد عندك فالزمه، وكذلك:
الهلال عندك، أي طلع الهلال عندك فانظر إليه، ونصبهما عيسى بن عمر. ومجاز {أَيْدِيَهُما} مجاز يديهما، وتفعل هذا العرب فيما كان من الجسد فيجعلون الاثنين في لفظ الجميع.
{نَكالًا مِنَ اللَّهِ} (38) أي عقوبة وتنكيلا.
{لا يَحْزُنْكَ} (41) يقال: حزنته وأحزنته، لغتان، وهو محزون، وحزنت أنا لغة واحدة.
{وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} (41) وهو هاهنا من الذين تهوّدوا، فصاروا يهودا.
{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ} (41): أي كفره.
{للسّحت} (42) السحت: كسب ما لا يحلّ.
{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (42) أي بالعدل {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (42) أي العادلين.
يقال: أقسط يقسط، إذا عدل، وقوله عز وجل: {وَأَمَّا الْقاسِطُونَ} (72/ 15) الجائرون الكفّار، كقولهم هجد: نام، وتهجّد: سهر.
{بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ} (44) أي بما استودعوا، يقال استحفظته شيئا: أي استودعته.
{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} (45) أي عفا عنه.
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (45): أي الكافرون، ومن هاهنا في معنى الجميع، فلذلك كان فأولئك هم الظالمون وللظلم موضع غير هذا ظلم النّاس بعضهم بعضا، وظلم الّلبن: أن يمخص قبل أن يروب، وظلم السائل ما لا يطيق المسئول عفوا. كقول زهير:
ويظلم أحيانا فينظلم

والأرض مظلومة: لم ينبط بها، ولا أوقد بها نار.
{وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ} (46) أي لما كان قبله، {وقفّينا} أي أتبعنا، وقفيت أنا على أثره.